رشيد: مدينة التراث والجمال الطبيعي تحت وطأة التلوث البيئي
تُعد مدينة رشيد من أهم المدن المصرية التي تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق. فهي تشتهر بموقعها الفريد عند التقاء نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط، مما يمنحها طابعًا خاصًا يجمع بين الشواطئ الخلابة ومياه النهر العذبة. إضافةً إلى ذلك، تتميز رشيد بمعالمها التاريخية، مثل قلعة قايتباي، والمساجد الأثرية، والمنازل ذات الطراز العثماني التي تجذب السياح والمهتمين من كل مكان. ورغم ما تقدمه من تراث حضاري وثقافي غني، فإن المدينة تواجه تحديات بيئية تؤثر سلبًا على هذا الجمال.
أثناء زيارة “إيكوريس” الميدانية لرشيد، رصدنا بعض المخاطر البيئية الواضحة، منها انتشار المخلفات البلاستيكية على شواطئ المدينة، حيث تنتشر أكوام البلاستيك المتراكمة من الاستخدام اليومي غير المسؤول والتخلص العشوائي (أكياس – زجاجات – أدوات طعام… إلخ)، والتي تغطي أجزاء كبيرة من الشاطئ. وفي جولة داخلية في شوارع رشيد، لاحظنا انتشار النفايات في عدة مناطق بشكل ملفت، بالإضافة إلى مخلفات هائلة من أدوات الصيد والمراكب غير المستخدمة. وبعد سؤال بعض الأهالي، أقروا بوجود مشكلة في تلوث مياه الشرب.
يعتمد أهل رشيد بشكل كبير على نهر النيل كمصدر أساسي لمياه الري والشرب، وكذلك على البحر الأبيض المتوسط للصيد. إلا أن التلوث المائي الناجم عن المخلفات الصناعية والتصريف العشوائي للمياه غير المعالجة جعل العديد من الأهالي يعانون من مشاكل صحية.
رصد فريق إيكوريس مصدر تلوث إضافي، وهو وجود مصانع لصناعة الطوب الأحمر، مما يتسبب في انبعاثات ضارة تؤثر بشكل مباشر على جودة الهواء. السكان الذين يعيشون بالقرب من المصانع يعانون من تدهور حالتهم الصحية بسبب الأدخنة السامة أثناء عمليات التصنيع التي تعتمد على حرق كميات كبيرة من المواد الخام، ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض التنفسية ويهدد الصحة العامة.
الصيد والزراعة هما العمود الفقري للاقتصاد المحلي في رشيد. يعتمد الصيادون على المياه النقية لضمان استمرارية الثروة السمكية، التي تُعد مصدر رزقهم الرئيسي. وفي المقابل، يعاني المزارعون من تلوث مياه الري التي تعتمد عليها أراضيهم، مما يؤثر سلبًا على جودة المحاصيل الزراعية. وبالتالي، فإن تلوث المياه لا يضر فقط بالبيئة الطبيعية، بل أيضًا بالأمن الغذائي والاقتصادي لأهل المدينة.
مما لا شك فيه أن تلوث الهواء والماء يؤثر سلبًا على البيئة وصحة السكان ويهدد الحياة البحرية. كما أن انتشار النفايات الصلبة، خاصة البلاستيكية، في شوارع رشيد يزيد من تفاقم المشكلة البيئية. هذه النفايات لا تشوه فقط المظهر الحضاري للمدينة، بل تسد المصارف وتؤدي إلى تلوث الهواء والتربة، مما يجعل المدينة عرضة لمشكلات صحية واقتصادية متعددة. يؤثر هذا التدهور البيئي بشكل مباشر على جودة حياة السكان، ويزيد من احتمالية انتشار الأمراض.
إن هذه المشاهد تدفعنا إلى التفكير بجدية في طرح حلول بيئية مستدامة تحافظ على هوية مدينة رشيد التاريخية والطبيعية.
دعوة للتحرك:
إن هذه المشكلات البيئية التي رصدناها خلال زيارتنا تتطلب تدخلاً فوريًا من جميع أطراف المجتمع. يجب على الحكومة، المؤسسات، والمواطنين التعاون لمواجهة هذه التحديات. من الحلول المقترحة:
– تحسين أنظمة إدارة النفايات لضمان التخلص الآمن منها.
– تشديد الرقابة على المصانع الملوثة للحد من انبعاثاتها الضارة.
– دعم مشروعات إعادة التدوير التي تساهم في تقليل النفايات البلاستيكية والصلبة بكل أشكالها.
– تكثيف حملات التوعية التي تستهدف جميع فئات المجتمع لتبني ممارسات بيئية مستدامة.