الأزمة المناخية تهدد مستقبل التعليم: 242 مليون طفل خارج المدارس بسبب الطقس المتطرف

المصدر: [Nearly 250 million children missed school last year because of extreme weather, UNICEF says](https://apnews.com/article/eb93150ca5c1f79a663f7c6755be3196?utm_source=chatgpt.com)
أصبح التعليم العالمي يواجه تحديًا غير مسبوق في ظل تصاعد التغيرات المناخية وآثارها الكارثية. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في يناير 2025، أدى الطقس المتطرف خلال عام 2024 إلى تعطيل تعليم ما لا يقل عن 242 مليون طفل في 85 دولة، بسبب موجات الحر الشديدة، والأعاصير المدمرة، والفيضانات العنيفة، وغيرها من الظواهر الجوية القاسية.
هذا الرقم الصادم يكشف عن أزمة عالمية تتجاوز كونها مجرد مشكلة بيئية لتصبح تهديدًا مباشرًا لحق الأطفال في التعليم، مما يفرض تحديات جديدة على الحكومات والمجتمعات والمؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم.
التغيرات المناخية والتعليم: أزمة متشابكة
تُظهر البيانات أن واحدًا من كل سبعة أطفال في سن الدراسة حول العالم تعرض للانقطاع عن التعليم خلال عام 2024 بسبب المخاطر المناخية. ومع ازدياد حدة هذه الظواهر، تصبح البنية التحتية التعليمية في العديد من الدول أكثر هشاشة وعرضة للانهيار أو الإغلاق المؤقت، ما يؤثر على استمرارية العملية التعليمية ويزيد من معدلات التسرب المدرسي.
على سبيل المثال، تسببت الفيضانات الكارثية في باكستان وبنغلاديش في تدمير آلاف المدارس، بينما أدت موجات الحر غير المسبوقة في بعض أجزاء الهند وأفريقيا إلى جعل البيئة المدرسية غير صالحة للتعلم. وفي أماكن أخرى، دمرت الأعاصير العنيفة مدارس بأكملها، كما حدث في الفلبين وأمريكا الوسطى، مما أجبر ملايين الأطفال على التغيب لفترات طويلة عن الدراسة.
التحديات التي تواجه أنظمة التعليم في ظل الأزمة المناخية
رغم تصاعد التحذيرات بشأن تأثير المناخ على التعليم، إلا أن الأنظمة التعليمية حول العالم لا تزال غير مهيأة بشكل كافٍ لمواجهة هذه التحديات.
من أبرز المشاكل التي تواجه التعليم في ظل الأزمات المناخية:
– ضعف البنية التحتية التعليمية: لا تزال العديد من المدارس غير مجهزة لمواجهة الكوارث الطبيعية، حيث تفتقر إلى الهياكل المقاومة للفيضانات أو الزلازل أو الحرائق.
– انقطاع الخدمات الأساسية: تؤدي الكوارث المناخية إلى انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، مما يعيق تشغيل المدارس واستئناف الدروس بسرعة.
– ارتفاع معدلات الفقر والتسرب المدرسي: مع تكرار الكوارث البيئية، تضطر العديد من الأسر إلى التركيز على توفير الاحتياجات الأساسية، مما يدفع الأطفال، وخاصة الفتيات، إلى ترك الدراسة والمشاركة في إعالة أسرهم.
– نقص الدعم النفسي والاجتماعي: الأطفال الذين يتعرضون لتأثيرات الكوارث البيئية قد يعانون من الصدمات النفسية، مما يجعل العودة إلى التعليم أكثر صعوبة.
الحلول الممكنة: كيف يمكن جعل التعليم أكثر استدامة؟
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج الحكومات والمؤسسات التعليمية إلى تبني سياسات واستراتيجيات جديدة تعزز من قدرة المدارس والطلاب على الصمود أمام الأزمات المناخية.
1. بناء مدارس مقاومة للمناخ
يجب أن يتم تصميم المدارس وفقًا لمعايير بيئية أكثر استدامة، مثل استخدام مواد بناء مقاومة للكوارث الطبيعية، وإنشاء أنظمة تهوية طبيعية، وتوفير مصادر طاقة متجددة لضمان استمرارية التعليم حتى في حالات الطوارئ.
2. تعزيز التعليم الرقمي والتعلم عن بُعد
يمكن أن يساعد الاستثمار في البنية التحتية الرقمية في ضمان استمرار العملية التعليمية، حيث يمكن للطلاب متابعة دروسهم عبر الإنترنت خلال فترات الطوارئ، مما يقلل من آثار الانقطاع عن الدراسة.
3. دمج التغير المناخي في المناهج الدراسية
يعد رفع الوعي حول تغير المناخ وآثاره جزءًا أساسيًا من الحل، إذ يمكن للمناهج الدراسية أن تتضمن موضوعات متعلقة بالاستدامة والتكيف مع التغيرات المناخية، مما يساعد في إعداد الجيل القادم لمواجهة التحديات البيئية.
4. تعزيز التعاون الدولي وتمويل التعليم المستدام
يجب أن يكون هناك التزام عالمي بتمويل مشاريع البنية التحتية التعليمية المستدامة، خاصة في البلدان النامية التي تعاني من التأثير الأكبر للكوارث المناخية. كما ينبغي تشجيع الشركات والمؤسسات الخاصة على دعم المبادرات التعليمية المستدامة.
إيكوريس: نحو مستقبل تعليمي أكثر استدامة
في إيكوريس للتنمية المستدامة، نؤمن بأن التعليم هو أحد الركائز الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة عادلة وشاملة. لذلك، نعمل على دعم المبادرات التي تهدف إلى جعل المدارس أكثر قدرة على مواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية التكيف مع التغيرات المناخية.
ندعو الحكومات، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني إلى اتخاذ خطوات حقيقية لضمان حق كل طفل في التعليم، بغض النظر عن التحديات المناخية التي قد يواجهها. الاستثمار في التعليم المستدام ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.