اعتادت أمنية أن تجلس مع جدتها الستينية تحت ظلال شجرة البونسيانا، التي تغمر محيط منزلهما بالظل والورود الحمراء المبهجة كل صيف، ومعهن يستظل ويسر العابرون.
كان الشارع الموجود به المنزل ترابيًا، ولكنه ممهدًا جيدًا، وهو ما لم يكن كافيًا بالنسبة لمسؤولي الحي الواقع جنوبي القاهرة، حيث قرروا رصف الشارع، بالإضافة إلى قرار آخر عكر حياة الأسرة والمارة الذين يستظلون بالبونسيانا وافرة الظل، وباقي أشجار الشارع.
جاء رجال الحي باكرًا مع معداتهم لقطع أشجار الشارع وبينها البونسيانا.. رجتهم الجدة أن يتركوها، وبكت كثيرًا قبل أن تسقط مغشيًا عليها.. قطعوا شجرتها مع غيرها من الأشجار وحملوا جثثها على عربة كبيرة ومضوا.
حاول والد أمنية، التخفيف عن أمه، فغطى المكان الذي اعتادت أن تستظل فيه بشجرتها بالسيراميك ومنح واجهة البيت لونًا جديدًا، لكن الجدة لم تعد تخرج من حجرتها. كانت تشكو من حرارة الجو والأسفلت والسيراميك الذي يضفي أجواءً مشتعلة لا تحتملها، وتذكرها بخسارتها الفادحة. بعد أشهر لحقت الجدة بشجرتها.
لم تكن الخسارة قاصرة على البونسيانا، إذ تراجعت المساحات الخضراء في ٩٥ % من أحياء القاهرة بالمقارنة بين العام ٢٠٢٤ والعام الذي شهد أعلى مساحة خضراء بكل حي خلال أعوام المسح الثمانية الممتدة بين ٢٠١٧ و٢٠٢٤، في المقابل زادت المساحات الخضراء في العام الماضي في اثنين فقط من بين ٤١ حيا.
بلغ عدد سكان أحياء القاهرة عام ٢٠٢٤، نحو ١٠ ملايين و٢٩٩ ألف و٤٥٧ مواطن، بحسب نشرة عدد السكان التقديري للأقسام ٢٠٢٤.
يحصل ٣٢% من سكان القاهرة، على سنتيمترات فقط من المساحات الخضراء تقل عن ٧٥ سنتيمترا، ويقيمون بـ ١٠ أحياء، بينما يبلغ عددهم نحو ٣ مليون و٢٧٧ ألف مواطنا.
وتراوح نصيب ٣١% من سكان العاصمة من المساحات الخضراء بين متر: ٢ متر، ويبلغ عدد هؤلاء نحو ٣ مليون و٢٣٥ ألفا، يقيمون في ٩ من أحياء القاهرة.
سكان المدن الجديدة كانوا أوفر حظًا مع مساحاتهم الخضراء، حيث حصل سكان ٥ أحياء والبالغ عددهم نحو ٤٤٩ ألفا على أكثر من ١٠٠ متر من المساحات الخضراء، كانت جميعها من الأحياء الجديدة، وهي: الشروق، بدر، القاهرة الجديدة بأقسامها الأول والثاني والثالث، ويمثل هؤلاء ٤,٤ % فقط من سكان القاهرة
للاطلاع علي اتقرير كاملا اضغط هنا
